.

الخميس، 1 أكتوبر 2015

على نياتكم ترزقون

على نياتكم ترزقون

تفريغ نصي (على نياتكم )  للشيخ عبد العزيز الطريفي حفظه الله

«وقل ربي زدني علما»

النية

إن الله سبحانه وتعالى ينظر إلى قلب الانسان ولا ينظر إلى عمله الظاهر وذلك أن العمل الظاهر لا يقبل إلا بوجود عمل باطن. وإذا وجد العمل الباطن وعجز الإنسان عن العمل الظاهر فالله عز وجل يثيبه على نيته، ثم إن الانسان يرزق بمقدار نيته وإخلاصه وصدقه. فإذا كان مخلصا لله عز وجل صادقا في نيته فبمقدار نيته يثيبه الله عز وجل ولهذا أكثر الناس صدقا وإخلاصا في نيتهم أكثرهم رزقا وتوفيقا وتسديدا وإلهاما من الله سبحانه وتعالى، ولهذا نقول إن الإنسان بنيته يرزق وقد جاء في ذلك جملة من الآثار عن جماعة من السلف في مقدار ثواب النية. ويكفي في ذلك ما جاء في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ " يعني أن الله سبحانه وتعالى ينظر إلى ما ينعقد عليه القلب. من جهة عمل الانسان ونيته. لهذا نقول إن الانسان بنيته يستطيع أن يعظم العمل القليل ويجعله كثيرا ويستطيع أن يجعل العمل الكثير قليلا بنيته السيئة ولهذا ربما الانسان يعمل أعمال كثيرة بنيته السيئة من الرياء والسمعة ويجعلها هباءً هباءً منثورا وربما يفعل الانسان الحسنة اليسيرة تتعاظم عند الله عز وجل بنية صادقة فعلها الانسان ولهذا الأعمال التي يفعلها الانسان صادقا مع الله عز وجل خاليا بنفسه متجردا من أي شائبة من الرياء والسمعة أعظم عند الله عز وجل من غيره. ولهذا اقترن صدق النية في الصيام أكثر وأظهر من غيره لماذا؟
لأن الصيام ليس من الأعمال وإنما هو من التروك تترك ماذا تترك الأكل والشرب وليس هي من الأعمال والمبادرات التي يفعلها الانسان ولهذا كانت النية فيها في باب الصيام أظهر وأكثر وأعظم وكذلك أجلى لماذا؟ لأن الانسان لأن الناس لا يعلمون أنت ممسك أولست بممسك. لماذا؟ لأن محل الامساك القلب. أكثر الناس الذين تعاشرهم وتخالطهم مثلا وتراهم مثلا من جيرانك وأهلك ونحو ذلك ربما تمر الأشهر وأنت تراهم في الطرقات أو في المساجد ولا ترى أحدا منهم يأكل وهل هو صائم أو ليس بصائم.

يأكل الانسان في وقت مخصوص وربما أيضا في مواضع الخلوات أو نحو ذلك أو ربما أيضا مع من قرب فيه من أهله ولا يأكلون في الطرقات أو في مجامع الناس هذا غالبا. بخلاف الصلوات فإنها تنعقد في أمور الجماعة والعمل في ذلك ظاهر. كذلك أيضا في مسألة الزكاة، الزكاة ثمة دافع ومدفوع ومنفق ومنفق إليه وذلك ممن يأخذ ويعطي إذا ثمة أطرافا. بالنسبة للصيام هو عمل لازم في الانسان قائم في ذاته قائم في ذاته ولهذا نقول إن الاخلاص في ذلك ظاهر ولهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام كما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : " إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ... " وذلك لمقدار الصدق الذي يكون في الإنسان والتجلي في هذا الباب . لهذا نقول إن النية يكسب بها الانسان بالعمل اليسير ثوابا وعملا عظيما عند الله سبحانه وتعالى ولهذا يقول غير واحد من العلماء (النية تجارة العلماء ) ومعنى ذلك أنهم يقلبون العادات إلى عبادات فيتعبدون بشيء يفعلونه تلقائيا في مصالح دنياهم فهم يضربون في الأسواق ويسيرون وكذلك أيضا يعودون المرضى وربما أيضا أماطوا الأذى من الطريق وإنما يحتاج عملهم ذلك الذي تتشوق نفوسهم إلى عمله أو يعملونه لأجل دنياهم فيتشوق ذلك إلى شيء من الإخلاص فإذا أخلص جعل أو قلب تلك العادات إلى عبادات لهذا ربما الانسان يجيب في دعوة وليمة زواج أو يصل قريبا أو يصل جارا أو ربما يتعاهد صديقا أو يزور مريضا أو يذهب إلى عمل من جهة القوت أو يجلب طعاما إلى ذريته هذه الأعمال في الغالب أن يفعلها الناس من جهة العادة ويغيبون النية. فأنت تفعلها في حياتك في يومك وليلك من جهة العادة صاحبها بنية فتنقلب إلى جوانب عبادات ولهذا جاء إلى ابن مسعود قال «إني لأحتسب لله نومتي كما أحتسب قومتي» يعني أنه يستثمر حتى الأشياء التي يفعلها ومعنى ذلك أن الانسان إذا أخلص لله عز وجل بنيته في عمل في كل عمل يفعله فإن الله عز وجل يثيبه عليه، ومعنى قول العلماء «النية تجارة العلماء» المراد من ذلك أن العلماء لمعرفتهم لقيمتها ربحوا فيها في الأسواق بأعمال يفعلونها من جهة العادة فقلبوها إلى عبادات كذلك أيضا بالنسبة لجوانب النية جوانب النية من جوانب أخرى وهي ما يتعلق من جهة تعظيم العمل اليسير، العمل في ذاته يعظمه النص ويعظمه كذلك النية لأن النص قد عظم النية ومعناه هذا أن الانسان من جهة النية ربما يعمل عملا يسيرا وذلك مثلا بالصلاة في السر أو نحو ذلك فإن كان صادقا لله عز وجل صلاة الانسان في سره مخلصا لله عز وجل أعظم من صلاته في علانيته لأن عبادة السر دليل على انقطاع جوانب الرياء لأنه لا يراك أحد ولا يسمعك أحد فكان في ذلك عظيما عند الله سبحانه وتعالى ولهذا كانت عبادة الخلوات أعظم عند الله عز وجل من عبادة الجلوات وكانت دمعة للإنسان في الخلوة أعظم عند الله عز وجل من دمعات أو سكب العبرات التي تكون في الجلوات ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام ذكر في حديث أبي هريرة كما جاء في الصحيح «في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ذكر منهم رجلا ذكر الله خاليا ففاضت عيناه » "ذكر الله خاليا" المراد بذلك هي الخلوة لماذا لأن الانسان سهل أن يبكي أو أن يعينه غيره على بكاء لوجوده فإن الناس تميل إلى شيء من العاطفة أو التأثر فإذا بكى الناس بكوا وإذا ضحكوا ضحك ولو لم يعلم من ذلك السبب لكن إذا كان خاليا كانت المشاعر في ذلك مجتمعة لا يخاف إلا من الله ولا يرجو إلا الله فلا يتفاعل مع أحد. ولهذا كانت العبادة في حال السر أعظم من ذلك وهي أعظم ما ينفي النفاق ولهذا جاء عن عمران بن حصين جاء عن حذيفة ابن اليمان أن عمران سأله في هذا قال «هل أنا من المنافقين فقال له أتصلي إذا خلوت وتستغفر إذا أذنبت قال نعم قال فما جعلك الله منافقا» في هذا اشارة إلى أن العبادة في الخلوات مما تعين على تصحيح النية وتبعدك في ذلك من الرياء.

الدرس بصيغة mp3


ملاحظة : تم تحميل الدرس بصيغة mp3 من الصفحة الرسمية للشيخ عبر اليوتيوب  وهو مقتبس من برنامج– (أظلكم شهر عظيم شهر رمضان )
نفعنا الله وإياكم بها 


نفعنا الله وإياكم بها 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More